إنّ البلاء والابتلاء للعبد ليس سخطا من الله عليه، ولا حرمانا ولا عقوبة، وإنما هو اختبار· بل هو في أغلب الأحيان فضل من الله ومحبة ورحمة وخير عميم·
عن أبي هريرة، رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ''من يرد الله به خيرا يصب منه''· وعن أنس رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ''إن عِظم الجزاء من عظم البلاء، وإن الله تعالى إذا أحب قوما ابتلاهم، فمن رضي فله الرضى، ومن سخط فله السخط''·
وعن أبي هريرة، رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ''إن الرجل ليكون له عند الله منزلة فما يبلغها بعمل، فمايزال يبتليه بما يكره حتى يبلغها''· ولهذا نجد أن أشد الناس بلاء أخيارهم وأفاضلهم· عن سعيد بن أبي وقاص، رضي الله عنه، قال: قلت: يا رسول الله، من أشد الناس بلاء؟ قال: ''الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل· يُبتلى الرجل على حسب دينه، فإن كان في دينه صلبا اشتد بلاؤه، وإن كان في دينه رقة، خف البلاء عنه على حسب دينه، فما يبرح البلاء بالعبد حتى يمشي على الأرض وما عليه خطيئة''·
في مقابل هذا، فإن توالي النعم وتعاقبها على العبد مع معصيته لربه عز وجل، لا يعني أبدا أن الله راض عنه بل هي استدراج·
عن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ''إذا رأيت الله تعالى يعطي العبد من الدنيا ما يحب وهو مقيم على معاصيه، فإنما ذلك منه استدراج''· وقال الحق تقدست أسماؤه ''أيحسبون أنما نمدّهم به من مال وبنين نسارع لهم في الخيرات بل لا يشعرون'' المؤمنون·
يعني أيظن هؤلاء المغرورون أن ما نعطيهم من الأموال والأولاد لكرامتهم علينا ومعزتهم عندنا؟ كلا ليس الأمر كما يزعمون، لقد أخطأوا في ذلك وخاب رجاؤهم، بل إنما نفعل ذلك بهم استدراجا وإملاءً وإنظارا كقوله تعالى: ''سنستدرجهم من حديث لا يعلمون وأملي لهم إن كيدي متين'' القلم·
ولهذا قال قتادة، رحمه الله: ''مُكر والله بالقوم في أموالهم وأولادهم· يا ابن آدم، فلا تعتبر الناس بأموالهم وأولادهم ولا ببلائهم ونعمائهم، ولكن اعتبرهم بالإيمان والعمل الصالح''